الأحد، 16 ديسمبر 2012

ليس بالعلم وحده تتقدم الأمم ..!!


حينما أجلس ونفسي لأتفكر فيما وصل إليه حال وطننا العزيز من تراجع على كافة المستويات أجد أن المشكلة التي نعاني منها هي نقص في الثقافة والتعلم واندثار للقيم التي كان المجتمع يتحلى بها ..

فحينما أعيش في عهد يسود فيه الفساد والظلم والقهر، يجب أن أشعر حينها بتلك القيم الحميدة مثل الشرف والعدل والحرية، وحينما تأتينا الفرصة لأن نصبح أحراراً حقيقيون ثم نتفنن في إضاعة هذه الفرصة بإيثار مصالحنا الخاصة والضيقة ومطالبنا الفئوية على المصلحة العامة والعليا لهذا الوطن الذي نعيش فيه وتلك الأرض التي ننعم بالحياة فيها، حينها سندرك تماماً أننا السبب الحقيقي في تراجع هذا الوطن المكلوم ..

وقبل أن أتكلم عن قيمة الحرية التي خرجنا من أجلها يوماً ما، سأتكلم عن القيم الحميدة التي كانت تميز مجتمعنا عن بقية المجتمعات المحيطة بنا ..

فقد كانت لدينا قيم كاحترام الكبير وتوقيره، والعطف على الصغير ومساعدته، والشجاعة والشهامة والمروءة إلى آخر هذه القيم، فأين نحن منها في هذه الأيام، وأندهش كثيراً حينما أتكلم مع البعض الآن عن مثل تلك القيم فألحظ على وجههم علامات الدهشة مما أقول، وكأني أذيع على مسامعهم بعض الطلاسم والخزعبلات التي وكأني أرددها تحضيراً لروح المرحوم ..

المعاناة الحقيقية التي نعاني منها الآن كشعب استعاد قيمة هامة في حياته اسمها "الحرية" تكمن في عدم إدراكنا لهذه القيمة بما تحمل من معاني عديدة، فثقافتنا تجاه الحرية محدودة للغاية، بل أكاد أجزم على فهمنا الخاطئ لمعانيها، فقد تعتقد فئة أن الحرية هي أن أفعل ما شئت وقتما شئت كيفما شئت، وفئة أخرى تعتقد أنها الوصول إلى ما أريده سواء بالضغط أو القوة المهم أن أصل، وفئة ثالثة تعتقد أن مصلحتها الخاصة أهم وأكبر من المصلحة العامة للمجتمع الذي تعيش فيه، إلى غير هذه المفاهيم والتي ما أنزل الله بها من سلطان ..

الحرية الحقيقية هي أن أدرك تماماً أن حريتي تبدأ من حيث ما لا يؤثر أو يجتزئ من حرية من قبلي، ويجب أن يكن لها حداً ينتهي عند بداية حرية من بعدي ..

بيد أن الحرية تحتاج إلى ضمائر حية وسوية حتى يمكن أن تأتي ثمارها ونشعر بقيمتها، فأصحاب الضمائر الغائبة لا يشعرون بهذه القيمة وبالتالي لا يستطيعون أن يتعاملوا بها ..

إن أردنا بالفعل أن نتقدم بوطننا وأن نجعله في مصاف الدول المتقدمة فيجب علينا أن نتمسك بأمرين في غاية الأهمية هما القيم والحرية بمعانيهما الحميدة والقويمة، ومن دونهما فلن يرى أي مجتمع تحضراً أو تقدماً، ثم يأتي دور العلم لينهض بالوطن إلى مصاف الأمم المتحضرة، فالعلم وحده لا يصنع حضارة الأمم ..